إحتفلت الجماهير المغربية بليلة غير عادية بعدما أهدى أشبال الأطلس لكرة القدم بلادهم أول ميدالية أولمبية في تاريخها، وذلك عبر إنتصار مذهل على منتخب مصر بسداسية نظيفة في مباراة تحديد المركز الثالث بأولمبياد باريس 2024.
هذا الإنجاز يضاف إلى سلسلة النجاحات التي حققها منتخب المغرب في السنوات الأخيرة، حيث كان قد أحرز المركز الرابع في كأس العالم 2022 في قطر، ليصبح أول فريق عربي وأفريقي يصل إلى نصف النهائي في تاريخ المونديال، واليوم، يواصل المنتخب المغربي كتابة تاريخه في السجلات الأولمبية، مسجلا إنجازا فريدا في عالم كرة القدم.
وفي الجهة المقابلة، تلقت جماهير الكرة المصرية صدمة قوية بعد الخسارة الثقيلة التي تلقاها منتخب الفراعنة، مما أدى إلى تبخر أحلامهم في تحقيق ميدالية في هذه النسخة من الأولمبياد.
وتعكس هذه الهزيمة الفوارق الكبيرة بين مستوى الكرة المصرية ونظيرتها المغربية، خاصة بعد الأداء المتألق الذي قدمه أسود الأطلس.
مشروع السكتيوي: خطوة نحو التاريخ
قاد طارق السكتيوي، مدرب المنتخب المغربي الأولمبي، فريقه إلى تحقيق ميدالية أولمبية، ليصبح بذلك أول مدرب عربي يحقق هذا الإنجاز.
ويأتي هذا النجاح تتويجا لمشروع مغربي متكامل، بدأ منذ فترة طويلة، وساهم فيه السكتيوي بخبرته وتجربته الغنية مع أندية مثل نهضة بركان والمغرب الفاسي والإتحاد التواركي.
وإستفاد طارق من مجموعة من اللاعبين الموهوبين الذين ساهموا في تتويج منتخب المغرب بلقب كأس الأمم الأفريقية تحت 23 عاما، ومن بينهم عبد الصمد الزلزولي، زكريا الواحدي، بلال الخنوس، أسامة العزوزي، أسامة تارجالين، أمير ريتشاردسون، وأكرم نقاش.
وعلى الرغم من غياب بعض العناصر المهمة مثل شادي رياض وإبراهيم صلاح، إلا أن السكتيوي تمكن من تعويض ذلك بالمواهب الموجودة في الدوري المغربي.
أزمات ميكالي وتأثيرها على منتخب مصر
لا يمكن تحميل روجيرو ميكالي، مدرب منتخب مصر الأولمبي، مسؤولية الخسارة الثقيلة أمام المغرب، خصوصا وأنه كان قد حقق نجاحا بارزا في أولمبياد ريو 2016 بفوز بلاده بالميدالية الذهبية.
ورغم بصماته الواضحة مع الجيل الحالي، إلا أن ميكالي واجه العديد من الأزمات التي أثرت سلبا على أداء الفريق.
ومن أبرز التحديات التي واجهت ميكالي كانت قلة الاستعداد والتجهيز، حيث لم يحصل المنتخب المصري على دعم كاف من حيث التحضيرات والمباريات الودية، بالإضافة إلى رفض الأندية إطلاق بعض اللاعبين المهمين مثل محمد صلاح وتريزيجيه. كذلك، لم ينجح في إقناع الأندية بترك لاعبيها للمشاركة في الأولمبياد، مما وضعه في موقف صعب.
الفوارق الاستراتيجية والإدارية والتقنية بين المغرب ومصر
وتكمن الفوارق بين المنتخبين أيضا في الإختلاف الواضح في قوام اللاعبين والإدارة الرياضية، فقد قدم المنتخب المغربي مجموعة من النجوم اللامعين على الصعيدين المحلي والدولي، مثل أشرف حكيمي وسفيان رحيمي، بينما كان المنتخب المصري يعتمد على عدد قليل من اللاعبين المحترفين.
وإداريا، يتفوق الإتحاد المغربي لكرة القدم على نظيره المصري، حيث يتمتع الأول برؤية استراتيجية واضحة وإدارة حكيمة تحت قيادة فوزي لقجع، الذي أدخل تغييرات جذرية ساعدت في تحقيق النجاحات.
وفي المقابل، عانى الاتحاد المصري من ضعف في التخطيط وسوء الإدارة، مما أدى إلى سلسلة من الإخفاقات على الصعيدين المحلي والدولي.
وبالمجمل، يعكس الأداء في أولمبياد باريس 2024 الفجوة الكبيرة بين إستراتيجيات وتطوير كرة القدم في المغرب ومصر، مما يسلط الضوء على أهمية التخطيط الإستراتيجي والإداري في تحقيق النجاح على الساحة العالمية.